عمدة القاري ج١ ص١١٤
January 03, 2019
Tags:
Hadis
الجزم وهو حكم منه بصحته وأخرجه أبو الحسن عبد الرحمن بن عمر بن يزيد رسته في كتاب الإيمان تأليفه فقال حدثنا ابن مهدي حدثنا جرير بن حازم عن عيسى بن عاصم قال كتب عمر رضي الله عنه فذكره وهذا إسناد صحيح وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو أسامة عن جرير بن حازم قال حدثني عيسى بن عاصم قال حدثنا عدي بن عدي قال كتب إلي عمر بن عبد العزيز أما بعد فإن الإيمان فرائض وشرائع وحدود سنن إلى آخره ولما فهم البخاري من قول عمر فمن استكملها إلى آخره أي أنه قائل بأنه يقبل الزيادة والنقصان ذكره في هذا الباب عقيب الآيات المذكورة وقال الكرماني لقائل أن يقول لا يدل ذلك عليه بل على خلافه إذ قال للإيمان كذا وكذا فجعل الإيمان غير الفرائض وأخواتها وقال استكملها أي الفرائض ونحوها لا الإيمان فجعل الكمال لما للإيمان لا للإيمان قلت لو وقف الكرماني على رواية ابن أبي شيبة لما قال ذلك لأن في روايته جعل الفرائض وأخواتها عين الإيمان على ما لا يخفى وكذا في رواية ابن عساكر ههنا فإن الإيمان فرائض نحو رواية ابن أبي شيبة وقال بعضهم وبالأول جاء الموصول قلت جاء الموصول بالأول وبالثاني جميعًا على ما ذكرنا الثالث في معناه فقوله فرائض أي أعمالا فريضة وشرائع أي عقائد دينية وحدودا أي منهيات ممنوعة وسننا أي مندوبات قال الكرماني وإنما فسرناها بذلك ليتناول الاعتقاديات والأعمال والتروك واجبة ومندوبة ولئلا يتكرر وقال ابن المرابط الفرائض ما فرض علينا من صلاة وزكاة ونحوهما والشرائع كالتوجه إلى القبلة وصفات الصلاة وعدد شهر رمضان وعدد جلد القاذف وعدد الطلاق إلى غير ذلك والسنن ما أمر به الشارع من فضائل الأعمال فمن أتى بالفرائض والسنن وعرف الشرائع فهو مؤمن كامل قوله فسأبينها أي فسأوضحها لكم إيضاحا يفهمه كل واحد منكم فإن قلت كيف أخر بيانها والتأخير عن وقت الحاجة غير جائز قلت أنه علم أنهم يعلمون مقاصدها ولكنه استظهر وبالغ في نصحهم وتنبيههم على المقصود وعرفهم أقسام الإيمان مجملا وأنه سيذكرها مفصلا إذا تفرغ لها فقد يكون مشغولًا بأهم من ذلك {وقال إبرهيم ولكن ليطمئن قلبي} الكلام فيه على أنواع الأول إبراهيم هو ابن آزر وهو تارح بفتح الراء المهملة وفي آخره حاء مهملة فآزر اسم وتارح لقب له وقيل عكسه قال ابن هشام هو إبراهيم بن تارح وهو آزر بن ناحور بن ساروح بن أرعو بن فالخ بن عيبر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ بن يرد بن مهلاييل بن قابن بن فانوش بن شيث بن آدم عليه السلام ولا خلاف عندهم في عدد هذه الأسماء وسردها على ما ذكرنا وإن اختلفوا في ضبطها وإبراهيم اسم عبراني قال الماوردي معناه أب رحيم وكان آز رمن أهل حران وولد إبراهيم بكوثا من أرض العراق وكان إبراهيم يتجر في البز وهاجر من أرض العراق إلى الشام وبلغ عمره مائة وخمسا وسبعين سنة وقيل مائتي سنة ودفن بالأرض المقدسة وقبره معروف بقرية حبرون بالحاء المهملة وهي التي تسمى اليوم ببلدة الخليل الثاني أن معناه ليزداد وهو المعنى الذي أراده البخاري وروى ابن جرير الطبري بسنده الصحيح إلى سعيد بن جبير قال قوله {ليطمئن قلبي} أي يزداد يقيني وعن مجاهد قال لأزداد إيمانًا إلى إيماني وقيل بالمشاهدة كأن نفسه طالبته بالرؤية والشخص قد يعلم الشيء من جهة ثم يطلبه من أخرى وقيل ليطمئن قلبي أي إذا سألتك أجبتني وقال الزمخشري فإن قلت كيف قال له أو لم تؤمن وقد علم أنه أثبت الناس إيمانًا قلت ليجيب بما أجاب فيه لما فيه من الفائدة الجليلة للسامعين انتهى قلت أن فيه فائدتين إحداهما وهي التفرقة بين علم اليقين وعين اليقين فإن في عين اليقين طمأنينة بخلاف علم اليقين والثانية أن لإدراك الشيء مراتب مختلفة قوة وضعفا وأقصاها عين اليقين فليطلبها الطالبون وقال الزمخشري وبلى إيجاب لما بعد النفي ومعناه بلى آمنت ولكن ليطمئن قلبي ليزيد سكونا وطمأنينة بمضامة علم الضرورة علم الاستدلال وتظاهر الأدلة أسكن للقلوب وأزيد للبصيرة واليقين ولأن علم الاستدلال يجوز معه التشكيك بخلاف العلم الضروري فأراد بطمأنينة القلب العلم الذي لا مجال فيه للتشكيك فإن قلت بم تعلقت اللام في ليطمئن قلت بمحذوف تقديره ولكن سألت ذلك إرادة طمأنينة القلب الثالث ما قيل كان المناسب للسياق أن يذكر هذه الآية عند سائر الآيات وأجيب بأن تلك الآيات دلت على الزيادة صريحًا وهذه